السبت، 17 يناير 2015

يا أبيض يا أسود . . The Sunset Limited

 
كتب بواسطة : نواف
@nawafex
- الغُروب المحدود -

 
كإفتتاحية لم اجد افضل من وصف شعوري لكم بعد مشاهدتي للفيلم , متابعتي للفيلم ليست بالقريبة بل كانت قبل سنين و من خلال بحثي طوال هذه السنين عن مقال او حتى مجرد كلام بسيط يوضح لي بعض الحوارات التي حدثت و التي أتت مبهمة غريبة تلقي بك في بُحيرة عميقة لتجد نفسك غارقاً في التفكير , لكن بعد مشاهدتي للفيلم مرة أخرى تاكدت بأن الانسان يتغير من حين لآخر .. فِكرُه و نظرته تجاه الأشياء مع الزمن , اذاً الآن لا وجود لأشياء مبهمة .. إتضحت لي و ها أنا أملك الأجوبة

                                                                   الغُروب المحدود..
فيلم مأخوذ من رواية تحمل نفس المسمى للكاتب الأمريكي كوماك مكارثي صدرت عام 2006 من بطولة و إخراج الكبير تومي لي جونز و يشاركه المبدع أيضاً سامويل جاكسون .. بداية الفيلم في مشهد ذكرني كثيراً بتحفة السويدي بيرغمان "الختم السابع" بداية فيلم لرجل ابيض و اسود يجتمعان على طاولة في مشهد رائع يجعلك تبدأ بالتساؤل عن سبب تواجدهم متقابلان على طاولة واحدة؟

 
رجل اسود مُتدين في مقابلة رجل ابيض مُلحد وفي المنتصف نسخة من الإنجيل و صحيفة ما .. فمن سيقنع الآخر و من سيكسب الحوار؟ في مكان يتهيأ لك و يتبادى في ذهنك انهم محجوزان به و لكن هذا غير صحيح.. و هنا تتضح لمسة الرائع تومي لي جونز في كيفية الإخراج و توهيم المُشاهد بأنهم محجوزان و كأن المُشاهد بنفسه يجلس معهم ! فيلم حواري بحت حيث يتبادى في ذهن البعض أنه في مواجهة فيلم باهت مُمل فيبدأ بالتساؤل ما الدافع لمشاهدته؟ الكثير و الكثير من الأسئلة ستطرح لكن دعونا ننسى انه حواري و انه في مكان واحد قليلاً لكيلا ينزعج البعض و نتوغل في فكرة الفيلم .. حواراته و أيضا شخصياته . في البداية و لكي أكون صادقاً معكم فإن آلية سرد الاحداث بالترتيب و كيف و متى و أين لا تجدي نفعاً فسأدعها لك تمرغ بها في حين مشاهدتك للفيلم  . الفيلم تطرق لعدة نقاط فبدأ بالنفس البشرية و الذكريات مروراً بالثقافات و الفنون حائماً بشكل دائري حول الموت و الحياة منتهياً بالديانات و الخالق عز و جل و كذلك أمور أخرى تطرق لها الفيلم بشكل بسيط . الجميل و الممتع بالأمر انك لن تمل لكثرة المواضيع التي يشدك بها تومي و سامويل بطريقة حوارهم و انفعالاتهم و وجهات نظرهم . على كل حال إذا كنت مُحب للفلسفة فهنيئاً لقد وجدت ضالتك , سامويل جاكسون الذي قام بدور المستقيم الذي يمتلك حياة بسيطة سعيدة على حدِ قوله لا ينفك عن تومي و يواصل إغراقه بكم هائل من الأسئلة الممزوجة بنبرة إحتقار و نظرات الشفقة , تومي البائس المكتئب الذي يرى بأن الموت افضل من حياة الضياع و اللادونية التي يعيشها فهو لا يؤمن بالرب بل مقتنع و بشدة , وسامويل الرجل المتدين الذي يعرف بالضبط سر خلاص تومي من عذابه و الذي طوال الفيلم يحاول إقناعه بوجود الرب و يستدل بالإنجيل في كثير من الحوارات لكن لا جدوى مع تومي و الذي إكتفى بدور المجيب المسكين و في المقابل يتبادر لنا و كأنما سامويل قام بإلجام و إخراس تومي و ضيّق الخناق عليه في أغلب فترات الفيلم .
 
 
فيبدأ سامويل مشاركة تومي بعض من القصص القديمة و النكت بناءاً على طلب تومي الذي لا يريد أبداً الخوض في نقاشات الدين و الموت الخ .. ليس لخوفه او قِلة حججه بل لأنه سئم من التحدث عنها .. و هنا نقف وسط مسيحي تنقصه بعض الأجوبة و ملحد مُفعم بالأسئلة فنجد ان كلاهم مثيرين للشفقة كلاهم مُضحك فلا يوجد من سخافة حجة هذا سوى سخافة حجة الآخر .. لحظة صمت بعد نقاشات و حوارات طويلة ثم يبدؤون بالتحدث عن العائلة وسط مشهد مؤثر يجعلك حقاً تفكر بعائلتك و توقن ان العائلة من اساسيات الحياة فبدونها قد تبدأ بالضياع فهي من توجهك للطريق الصحيح في حال الإنحراف هي الداعم لك في هذه الحياة . مثل هكذا أفلام لا تنظر لتقييمها او لمدتها او حتى لنجومها فهكذا أفلام سارع بالبحث عن نسخ و ترجمات عربية لها أياً كان موضوعها أياً كان هدفها فهكذا أفلام صُنعت للنفس قبل العين و متعتها .. فلربما تخرج بفائدة و هذه الغاية الكبرى من هكذا أفلام فبعضها يرشدك نحو شيء ما .. يُنبهك يُثقفك و على سبيل المثال و بمنظور شخصي بعد هذا الفيلم الرائع و الذي أرى فيه قليلاً من لمسة بيرغمان بفكرته و بحواراته و تركيزه على النفس البشرية كل هذا جعلني احمد ربي على نعمة الإسلام و ان كلاهم يعاني كما حصل في نهاية الفيلم بمشهد إبداعي .. أختم بالثناء على تمثيل و إخراج تومي لي جونز و أيضاً سامويل إل جاكسون الذي و من غير العادة قدم دور درامي مبهر و أخيراً ثق بأنك ستخرج بفائدة من هذا الفيلم .
 
 
 
 
 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق