الأحد، 1 فبراير 2015

American Psycho .. عندما ينطق صوتك الباطن


كتب بواسطة : معن يغمور
@maanyaghmoor


(شاهد الفيلم قبل المراجعة)
أود تشريح الفتيات. هل تعلم أنني مجنون تماماً ؟” “يا لكِ من فتاة حمقاء قبيحة , أريد أن أطعنكِ حتى الموت وأعبث بدمكِ” “يبدو لي بأنني لا أستطيع التحكم بنفسي” من الواضح جداً أن هذه العبارات لرجل لا يوحي لك ولي بأنه طبيعي أو سليم , حتى وان كان شكله ومظهره الخارجي سليماً فعقله الباطني مصابٌ بخلل . حسناً قبل البدء بالحديث عن هذا الفيلم الكلاسيكي الرائع علينا أن نقول بأن المخرجة والكاتبة ماري هارون أبدعت بصناعة فيلم يمتاز بالكوميديا السوداء ممزوجاً بدراما دموية وتراجيدي بمفهوم أخر , أيضاً كريستيان بيل يقدم لنا أحد أدواره التاريخية التي لطالما رسخت بـ أذهاننا وكانت انطلاقته الفعلية للنجومية والتألق , جسد بيل الشخصية المجنونة في هذا الفيلم بشكل رائع وقدم أداء أشبه ما تقول عنه كأداء دي نيرو في فيلم سائق التاكسي أو أداء آل بتشينو في فيلم الوجه ذو الندبة , بنظري بيل قدم الدور الأفضل بتاريخه في هذا الفيلم لما وصله لنا من مشاعر وخفايا باطنية جسدها لنا خلف هذه الشاشة الصغيرة .
كريستيان بيل بدور الرجل الثري “باتريك بيتمان” جسد لنا في هذا الفيلم الشخصية الوسيمة والأنيقة والاجتماعية والثرية بحياته العملية وبنفس الوقت شخَّص لنا الشخصية المعقدة والمختلة والمهووسة بحد الجنون , باتريك بيتمان الرجل الحقير عديم الشفقة والإنسانية منزوع الضمير والمشاعر كان دايماً يفعل ما يناسب مزاجيته المتقلبة , لكن بنفس الوقت كان ينفعل حتى لأبسط الأمور ويستاء منها بحد الجنون حتى انها تصل لحد القتل ورؤية من يكرهه غارقاً في الدماء بمظهرٍ مثير للشفقة , على سبيل المثال عندما مر باتريك أمام ذاك الفقير المتشرد بين تلك الأحياء الضيقة وسأله كيف وصل بك الحال هنا ؟ ومن أين أنت ؟ وهل أنت جائع ؟ هل تشعر بالبرد ؟ وعندما انتهى من كلامه ولم يجد الجواب المقنع قام بطعنه حتى الموت ووجهه يملأه غضبٌ جامح . ما هذه الشخصية الغريبة والمختلة ؟ باتريك بيتمان في الصباح غالباً هو الصديق الودود والمرح والوسيم والأنيق والثري وفي المساء يظهر لنا بتلك الشخصية الحقيرة الجامحة بالغضب المليئة بالحقد والاحتقار والدناءة لا يشفي غليله سوى رؤية الدماء وخصمه في وضعٍ لا يرثى عليه , باتريك لديه تلك الخطيبة الثرثارة كثيرة الكلام والطلبات شديدة البكاء , في وجهه الظاهر يقوم بتأدية الشخص الودود والحبيب والذي يواسيها بمحنها , وفي وجهه الباطن يود التخلص منها بأي طريقة فهي تزعجه وتثير اشمئزازه وخاصةً ببكائها , أيضاً باتريك لديه هؤلاء الأصدقاء الثريين ذو البدل الأنيقة يتسكع معهم دائماً , باتريك قام بقتل زميله بول ألين بتلك الطريقة البشعة بسبب أنه تباهى ببطاقة عمله المميزة أمامه أو أنه قام بحجز في ذاك المطعم الفخم “دورسيا” في عز ذروته مما أثار غيرة باتريك ودعاه لمنزله ليقطعه بذاك الفأس قائلاً ووجهه يملأه الغضب الشديد : الأن يمكنك أن تحجز طاولةً في دورسيا أيها الحقير . من خلال هذه المواقف باتريك يظهر تلك الشخصية المريضة المجنونة ويظهر تلك الكراهية والمشاعر بصورة بشعة ودموية لأسباب تافهة وصغيرة جداً . باتريك كان لطالما يستخدم النساء لمعالجة مزاجه السيء لكن ما كان يفعله مع النساء أقل شيء يمكن وصفه بالاغتصاب اشباعاً لرغباته الجامحة بالشهوة والغضب . في مشهد ببداية الفيلم باتريك وهو يعتني بجسده ووسامته وجهه مستخدماً تلك الأقنعة الغنية للبشرة كان يتكلم عن نفسه قائلاً بأنه شخص مجرد من هذا الواقع , هو شخص غير حقيقي حتى وعندما تلمسه جلده وتلامس وجهه هو فعلاً شخص غير حقيقي يخفي خلف هذا القناع شخصاً أخر . هو فعلاً شخصية مجنونة جسدها بيل بطريقة رائعة أظهر لنا وجهان لشخص واحد .
نأتي للجانب الأخر من هذا الفيلم وهي النهاية . حسناً ربما تكون نهاية الفيلم للبعض غير مقنعة أو بالأحرى غير مفهومة وغير موضحة , في الحقيقة ما قام به باتريك من أعمال وجرائم جنونية ودموية هي لا أساس لها وغير حقيقية بتاتاً وكلها من صنع مخيلته المهووسة والمختلة حتى ذاك المحقق الذي كان يزوره ويحقق معه في مكتبه بمسألة موت صديقه لم يكن لها أساس وكان يحاكي نفسه وتلك المطاردات من الشرطة وقتله لهؤلاء الناس في الطريق من نسج خياله ووهمه وعندما أظهر باتريك الجانب الحزين منه قام بمكالمة محاميه وارسال رسالة صوتية له معترفاً بكل الجرائم التي ارتكبها وأنه شخص مختل مجنون , في المقابل كان رد محاميه بأن ما قاله باتريك له هي من أجمل النكت التي سمعها مثبتاً له أنه لا يوجد شيء حقيقي مما فعله باتريك بالأخرين . ماري هارون قدمت فيلماً دسماً بل أخرجت لنا شخصية يظهر بواسمة واجنماعية وبكل طبيعية مع الاخرين ثم يظهر بشخصية جنونية مختلة مع من يكرههم , بشكل واضح الفيلم يملك ثغرات بسيطة لم تؤثر على حبكة الفيلم وجمالية السيناريو السوداوي الذي يملكه مما أظهر لنا فيلماً مكون من خليط الجنون والسوداوية , ماري هارون باختصار شديد صورت الفيلم من جانب باتريك واظهرته لنا من رأسه ومخيلته ومشاعره اتجاه الاخرين , وهذا سبب الغموض الذي يكمن في النهاية الغريبة للفيلم . ومن أروع الأعمال التي شاهدتها وبيل قدم دور تاريخي رسخ بذهني فعلاً . ما أود قوله أن باتريك أظهر مشاعره الغاضبة والخفية بشكل دموي وبشع بالأخرين , عاش مرارة الغضب والحزن والخوف مع تلك الشخصية المريضة والمختلة ولم يجد شيئاً ليعاقب به نفسه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق